• الساعة الآن 10:35 PM
  • 22℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

بين طهران والحديدة أموال تُهرّب وسفن تضخ النفط.. تعرّف على خريطة التمويل

news-details

 

خاص - النقار
في 21 يونيو 2025 أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض حزمة عقوبات هي الأكبر حتى الآن على شبكة تهريب نفط تموّل جماعة أنصار الله في اليمن. وحسب البيان الرسمي، تستهدف هذه الإجراءات “ثمانية أفراد وكيانات” متورطة في تمويل الجماعة عبر شبكة تهريب دولية تشمل النفط والسلع، وتهريب السلاح. وأوضحت الخزانة أن الأفراد والشركات المستهدفة يمارسون “أنشطة غير مشروعة تشمل تهريب النفط والسلع وتوليد إيرادات كبيرة للجماعة عبر السوق السوداء اليمنية، بالإضافة إلى شحنات غير قانونية تمر عبر موانئ تسيطر عليها جماعة أنصار الله في انتهاك واضح للعقوبات الأمريكية”. واعتبر بيان الخزانة أن هذه الخطوة “تعكس التزام الولايات المتحدة بتعطيل البنية المالية وشبكات الشحن التابعة للجماعة، والتي تمكّنهم من مواصلة سلوكهم المتهور في البحر الأحمر والمنطقة”.

الأفراد والكيانات المستهدفة بالعقوبات
شملت العقوبات أربعة أفراد واثني عشر كياناً (تشمل شركات وشركات شحن) واثنتين من السفن. من أبرز الأفراد المستهدفين علي أحمد دغسان تاليا وشقيقه دغسان أحمد دغسان، وهما من كبار رجال الأعمال الموالين للجماعة والمتخصصين في شبكات التهريب والتمويل، بالإضافة إلى زيد الوشلي رئيس مجلس إدارة هيئة موانئ البحر الأحمر التابعة لجماعة أنصار الله، المتهم بتنسيق تهريب الأسلحة والطائرات المسيّرة. كما شمل الإعلان عبدالله إحسان عبدالله دبش مالك شركة “يمن إيلاف” النفطية.
أما الكيانات، فهي شركات وأفراد تجاريون تعمل كواجهات لتهريب النفط أو تسهيل المبيعات والتمويل. من أهم هذه الشركات:
* بلاك دايموند (Black Diamond) – شركة مقرها صنعاء تعمل في تسويق مشتقات النفط التابعة لجماعة أنصار الله، وتسهّل تهريب النفط الإيراني إلى مناطق الجماعة، وتحقق إيرادات ضخمة لصالحهم.
* ستار بلس اليمن (Star Plus Yemen) – شركة مقرها الحديدة تعمل كوسيط بين شبكات الجماعة والموردين، وتسهّل استيراد المكونات العسكرية ومشتقات النفط.
* تامكو (Tamco Establishment) – شركة مقرها صنعاء تقوم بإخفاء هوية المستفيدين الحقيقية لمشتقات النفط والسلع المهربة.
* رويال بلس (Royal Plus Shipping) – شركة صرافة وملاحة مقرها صنعاء سمحت ببيع النفط المستورد من الحرس الثوري الإيراني وتمويل صفقات السلاح من روسيا وإيران.
* شركة يحيى الأسيل للاستيراد (Al-Usaili Co) – شركة مقرها صنعاء تعمل كوسيط مالي للنفط، ولها علاقات مع الحرس الثوري الإيراني لتسهيل دخول الوقود.
* جازولين أمان (Gasoline Aman) – شركة تعمل في تلقي نسبة مقابل إخفاء تورط الجماعة في معاملات النفط المهرب.
* الزهرة (Azzahra) – شركة لغسيل الأموال من عائدات النفط، حيث قامت بغسل مئات الملايين من الدولارات لصالح قيادات الجماعة.
* يمن إيلاف (Yemen Elaph) – شركة نفط مقرها صنعاء يملكها د. دبش، تبيع النفط في السوق السوداء وتمتلك حصصاً حصرية لاستيراد النفط عبر موانئ الحديدة والصلو.
* أبوت تريدينغ (Abbot Trading Co.) – شركة شحن ولوجستيات مقرها صنعاء يشرف عليها علي أحمد دغسان، تستخدم لتمويل الجماعة من عائدات النفط والسلع.
* شركات الشحن الدولية: مثل Best Way Tanker Corp وOcean Voyage LLC المالكة لناقلة Valente، وAtlantis M. Shipping Coالمالكة لناقلة Atlantis MZ. هذه الشركات سهّلت تزويد موانئ الجماعة (رأس عيسى) بكميات كبيرة من الوقود بعد انتهاء التصاريح المؤقتة.

آثار العقوبات اقتصادياً على جماعة أنصار الله وشبكات تمويلهم
تقول وزارة الخزانة الأمريكية أن الجماعة تعتمد بشكل كبير على عائدات مبيعات النفط المهرب في مناطق سيطرتها لتمويل أنشطتها العسكرية والإدارية. وتفيد الوزارة أن الجماعة تبيع النفط بأسعار مرتفعة في السوق السوداء المحلية، ويجني قادتهم من هذه المبيعات مبالغ ضخمة لدعم العمليات القتالية. واستهدف هذا الإجراء تدمير شبكة تمويلية معتمدة على تصدير النفط الإيراني عبر وسطاء يمنيين، ما قد يؤدي إلى تقليص إيرادات الجماعة من هذه القناة.
وأكدت الخزانة الأمريكية أن “السوق السوداء تمثل مصدر ثروة حقيقي للجماعة”، مشيرة إلى أن القادة الحوثيين يستخدمون العائدات في تمويل العمليات القتالية وتأمين ولاءات داخلية، ما جعل من تجارة النفط غير القانونية أحد أعمدة البنية المالية للجماعة.

مع ذلك، يرى محللون أن تأثير العقوبات الأمريكية على اقتصاد الجماعة محدود إلى حد ما. فبينما حرمت هذه الإجراءات بعض الشركات من الوصول إلى النظام المالي الدولي، فإن الجماعة تميل إلى التحول للأسواق والوسائل غير الرسمية (الحوالات المحلية و”الهاولاء”) لتعويض الفجوات المالية. وقد لاحظ مركز صنعاء للدراسات أن العقوبات الأمريكية السابقة – مثل استهداف شركة “سواعد للصرافة” – أدت إلى خسارة السيولة ببعض القطاعات في اليمن، لكنها لم تنجح في قطع تدفقات الأموال عن الجماعة التي أعادت توجيه تعاملاتها إلى سوق الصرافة الموازي. ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات تضغط على القطاع المصرفي والمصرفيين، وتعقد تحويل الأموال وتلقي المساعدات والمرتبات في مناطق سيطرة الجماعة، ما يفاقم فعلياً الأوضاع الإنسانية في المناطق المتضررة.

علاقة شبكات التهريب بإيران ودور طهران
تشير المصادر الأمريكية الرسمية إلى أن أجزاء كبيرة من شبكة التهريب مرتبطة بإيران مباشرة. فشركة “بلاك دايموند” على سبيل المثال، كانت تستورد وقوداً إيرانيًّا مهربًا لدعم الجماعة. وشركة “رويال بلس” نقلت في السابق إيرادات نفطية مصدرها الحرس الثوري الإيراني إلى قيادات الجماعة مقابل حصة مميزة في السوق المحلية. كذلك حافظت شركة يحيى الأسيل على علاقات مع الحرس الثوري لتسهيل استيراد مشتقات نفطية لصالح الجماعة.
وتُبرز التقارير التحليلية أن إيران هي الداعم الرئيسي لجماعة أنصار الله، إذ تزودهم بالسلاح والتدريب والخبرات اللوجستية. فكما يشير تقرير معهد “إيكونومست” إلى أن “دور إيران حاسمٌ في تزويد الجماعة بأسلحة مهربة وخبرات تمكنهم من ممارسة نفوذهم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب”. وبالفعل، لعبت إيران عبر الحرس الثوري دوراً في تمويل وعبور شحنات النفط المهرب إلى اليمن، فضلاً عن صفقات الأسلحة المتبادلة مع الجماعة (إنزال الأسلحة مقابل موارد مالية وعينية). ويعزز أفراد الجماعة علاقاتهم بإيران كجزء من التحالف الإقليمي، الأمر الذي تظهره التنسيق في استيراد الوقود والمواد الحساسة إلى مناطق سيطرتهم.

البعد الإقليمي: أمن البحر الأحمر وتهريب السلاح والنفط
تشكل شبكة تمويل الجماعة محور قلق إقليمي خاص. فالولايات المتحدة وحلفاؤها يعتبرون هذه الشبكات مصدر تمويل رئيسي لأنشطة الجماعة التي هددت عدة مرات الملاحة الدولية في البحر الأحمر من خلال شن هجمات بصواريخ ومسيرات على سفن في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وما وصف بالقرصنة بسبب احتجاز ناقلة النفط جالكسي ليدر.  وتحاول واشنطن عبر استهداف الشبكات النفطية قطع موارد التمويل التي تمول تلك الهجمات، إضافة إلى عزل إيران عن أسواق تصدير النفط وتهريب المشتقات. وتؤكد السلطات الأمريكية أن الجماعة زادت من تهريب الوقود بعد انتهاء التصاريح الأمريكية في أبريل 2025، ما استدعى استهداف ناقلات مثل “Valente” و”Atlantis MZ” التي واصلت تزويد ميناء رأس عيسى بالوقود بعد انتهاء الإعفاءات.

وإلى جانب ذلك، تحاول هذه العقوبات كبح تمدد النفوذ الإيراني في البحر الأحمر. فقد كشفت السلطات أن إيران استخدمت خطوطاً بحرية بديلة لإيصال النفط إلى الجماعة، بما في ذلك “أسطول الظل” الذي يغيّر أعلامه ومراكزه لتجنب العقوبات. ويرى محللون أن استهداف شبكة التمويل النفطية للجماعة يأتي أيضاً ضمن جهود لحماية الممرات المائية الحيوية (قناة السويس ومضيق باب المندب) من عمليات تهريب الأسلحة (لاحقة نقلها إيران للجماعة) ومن شن هجمات على السفن التجارية.

شارك الخبر: