• الساعة الآن 02:54 PM
  • 21℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

"الدعم السريع" تسيطر على بلدتين بشمال دارفور وتستهدف الأبيض بالمسيرات

news-details

في تطور عسكري جديد يمثل تحولاً ملاحظاً في خريطة السيطرة الميدانية على إقليم دارفور، تمكنت قوات "الدعم السريع" أمس الأربعاء من بسط سيطرتها على بلدتي أبو قمرة وأمبرو الواقعتين شمال مدينة الفاشر، بعد مواجهات عنيفة مع قوات من الجيش والحركات المسلحة.

وأكدت "الدعم السريع" في بيان على منصة "تيليغرام" أن "قواتها أحكمت سيطرتها الكاملة على منطقة أبو قمرة بولاية شمال دارفور، وواصلت تقدمها بنجاح حتى منطقة أمبرو بالولاية نفسها، إذ جرى تحريرهما بالكامل".

وأشار البيان إلى أن هذه المناطق شهدت اعتداءات ممنهجة وأعمالاً انتقامية نفذها عناصر الجيش والقوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة، استهدفت بصورة مباشرة قيادات الإدارة الأهلية وعدداً من المدنيين الأبرياء.

وأوضح البيان أن واجبهم الأساس يتمثل في حماية المدنيين، وإنهاء وجود الجيوب المسلحة للجيش والحركات المسلحة، ووضع حد لعمليات الانتقام والفوضى، وحث سكان البلدتين على التعاون في تأمين الأسواق والمنشآت العامة والخاصة وإزالة كل المهددات الأمنية.

وبث أفراد من "الدعم السريع" مقاطع فيديو مصورة تظهر وجودهم وانتشارهم داخل بلدتي أبو قمرة وأمبرو.

تعزيز النفوذ

بحسب مصادر ميدانية، فإن معظم سكان البلدتين فروا نحو تشاد منذ أشهر، ولحق بهم آخرون قبل أسبوع عقب تحذيرات أطلقها عدد من عناصر "الدعم السريع" بأنهم على وشك اقتحام المنطقتين. في حين انسحبت قوات الجيش والحركات المسلحة إلى مدينة الطينة الحدودية مع تشاد في ضوء كثافة النيران وصلابة القوات المهاجمة.

وتمثل هاتين المنطقتين (أبو قمرة وأمبرو) آخر معاقل الجيش في شمال دارفور، إلى جانب منطقة الطينة، بعد استيلاء "الدعم السريع" في الـ26 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على مدينة الفاشر، مما يعزز من نفوذ الأخيرة على كامل إقليم دارفور.

وبين مراقبون عسكريون أن إحكام "الدعم السريع" سيطرتها على هاتين البلدتين سيمنحها أفضلية استراتيجية على محور الصحراء الشمالي، المطل على الحدود مع ليبيا وتشاد، وهو محور بالغ الأهمية من حيث الحركة العسكرية وخطوط الإمداد ومسارات التجارة العابرة للحدود.

مقاومة هجمات "الدعم السريع"

تتميز بلدة أبو قمرة بموقع جغرافي استراتيجي يربط بين عدد من المحليات والمسارات الداخلية، إلى جانب وزنها الاقتصادي والاجتماعي، فضلاً عن أنها تعد مركزاً للتبادل التجاري وحركة السكان الذين يمارس غالبيتهم الزراعة والرعي، مما يجعلها عنصراً مؤثراً في استقرار شمال دارفور.

في حين، تمثل بلدة أمبرو التي تقع قرب الشريط الحدودي مع ليبيا وتشاد، محطة عبور تقليدية للقوافل والبضائع، إذ يعتمد سكانها على الرعي والتجارة الحدودية، لكنها شهدت خلال السنوات الأخيرة تدهوراً أمنياً وخدمياً متصاعداً، أسهم في نزوح أعداد من سكانها وتراجع النشاط الاقتصادي، وجعلها ساحة تنافس بين القوى المسلحة.

 

وقبل هذا الهجوم دفعت "الدعم السريع" بتعزيزات عسكرية غير مسبوقة باتجاه محليات الطينة وأمبرو وكرنوي بولاية شمال دارفور، وذلك من أجل إكمال سيطرتها على هذه الولاية التي تؤوي آلاف النازحين الذين فروا من مدن إقليم دارفور، بما في ذلك نازحو مدينة الفاشر.

وكان حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي قد وجه نداء إلى مجتمعات محليات أمبرو وكرنوي والطينة من أجل الدفاع عن أراضيهم، وذلك في تسجيل صوتي بثه على شبكات التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، ودعا تلك المجتمعات إلى مقاومة هجمات "الدعم السريع" المتوقعة بالتزامن مع حشود حول هذه المناطق.

لكن، وجدت دعوة مناوي رفضاً واسعاً من ناشطين سياسيين، دعوا من خلاله القوات المشتركة والجيش إلى عدم الزج بالمواطنين في النزاعات المسلحة.

استهداف متبادل

في محور كردفان، استهدفت طائرات مسيرة أمس الأربعاء (لليوم الثاني على التوالي) مواقع عسكرية في مدينة الأبيض، إذ تصدت الدفاعات الأرضية لهذا الهجوم ومنعت وصوله إلى أهدافه داخل المدينة.

وفقاً لمصادر ميدانية، فقد سمعت أصوات انفجارات متقطعة في أحياء متفرقة بالمدينة، بالتزامن مع تحركات للدفاعات الأرضية التي تعاملت مع الأجسام الجوية فور رصدها.

ويأتي هذا الاستهداف في سياق تصعيد متواصل تشهده بعض المدن الاستراتيجية، خصوصاً الأبيض التي تعاني الاستهداف المتكرر بواسطة مدفعية قوات "الدعم السريع"، مما تسبب في مقتل أعداد كبيرة من المدنيين وإحداث دمار هائل طاول المنازل والمواقع الحكومية، وسط حالة من الترقب بين السكان، مع استمرار الإجراءات الاحترازية وتعزيز التأمين داخل المدينة.

 

وتعد مدينة الأبيض من أبرز المراكز التجارية واللوجستية في السودان، وتكتسب أهمية خاصة باعتبارها نقطة وصل رئيسة بين الخرطوم وولايات دارفور وكردفان، مما يجعلها هدفاً متكرراً للهجمات.

في المقابل، شنت مسيرات الجيش غارات جوية على مواقع تمركزات "الدعم السريع" بكل من بلدة جبرة الشيخ بولاية شمال كردفان، وبلدة برنو بولاية جنوب كردفان، مما أدى إلى وقوع خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، وفق مصادر عسكرية.

نزوح من كادوقلي

في الأثناء، تشهد مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي أحكمت "الدعم السريع" والحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو تطويقها عقب سيطرتهما الكاملة على مداخلها ومخارجها، حركة نزوح مستمرة بسبب المخاوف من احتمال اقتحامها من القوتين.

وبحسب شهود، فإن سكان المدينة يعيشون تحت وطأة مخاوف مستمرة من تجدد المواجهات العسكرية أو اقتحام المدينة، خصوصاً بعد تزايد التهديدات التي تطلقها عناصر من القوتين عبر منصاتهما في وسائل التواصل الاجتماعي، مما تسبب في حالة من الهلع والخوف الشديدين وسط السكان.

وأوضح الشهود أن التهديدات أسهمت بصورة واضحة في تسريع وتيرة النزوح من المدينة، إذ فضل عدد كبير من الأسر مغادرة كادوقلي بحثاً عن مناطق أكثر أماناً، على رغم الظروف القاسية والتكاليف الباهظة التي تواجههم خلال رحلة النزوح.

من جانبها، أفادت الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو بوصول نحو 583 ألف نازح فروا من مدينتي كادوقلي والدلنج، غالبيتهم من النساء والأطفال وكبار السن.

وذكرت الحركة في بيان أن النازحين وصلوا إلى مراكز الإيواء عبر عدد من المعابر، إذ جرى تسجيل وصول نازحين من كادوقلي إلى مراكز إيواء في مقاطعات كادوقلي وتوبو وإنبونق وهيبان وهبيلا ودلامي، بينما توزع نازحون من الدلنج على مقاطعات الدلنج وهبيلا ولقاوا ودلامي وهيبان. ودعت إلى السماح بعبور المدنيين عبر هذه المعابر من دون قيود أو مضايقات، معتبرة أن عرقلة حركة المواطنين تمثل انتهاكاً لحقوقهم.

في وقت لاحق، أشارت منظمة الهجرة الدولية إلى نزوح نحو 745 فرداً من مدينة كادوقلي خلال الفترة بين الـ18 والـ20 من ديسمبر (كانون الأول) نتيجة تصاعد حالة انعدام الأمن، فضلاً عن نزوح 1475 فرداً آخرين من المدينة خلال الفترة بين الـ21 والـ22 من الشهر الجاري.

وأكدت المنظمة أن النازحين اتجهوا إلى مواقع متعددة شملت محليات البرام وتلودي وأبو كرشولا وهبيلا بولاية جنوب كردفان، إضافة إلى محلية شيكان بولاية شمال كردفان، ومناطق أخرى في ولاية النيل الأبيض، وسط أوضاع إنسانية صعبة واحتياجات متزايدة للمأوى والغذاء والخدمات الأساسية.

وتفيد المصادر بأن معظم البنوك والمؤسسات الصحية أغلقت أبوابها بكادوقلي وغادر موظفوها المدينة، فضلاً عن إفراغ معظم التجار في السوق الرئيسة محالهم التجارية والمغادرة، فيما عرض في المقابل المواطنون ممتلكاتهم ومقتنياتهم المنزلية للبيع بأسعار زهيدة في محاولة لتأمين تكاليف النزوح، غير أن حالة الركود وانعدام السيولة جعلت البيع شبه مستحيل.

شارك الخبر: